الواحــــــــة

آخر تحديث للموقع 7 رمضان 1424 الموافق 2 نوفمبر 2003

 

مسلمون أوائل ... تعلمت الدنيا منهم

سلسلة جديدة للكاتبة هالة أحمد فؤاد

فى الماضى .. حاربت الكنيسة العلم و ادعت تعارضه مع الدين ... ثم جاء الإسلام يدعو إلى العلم و المعرفة منذ أول كلمة ( إقرأ) .. و دعى لإستخدام العقل أيضاً ... ليكون السبيل إلى معرفة الله .


الخوارزمى .. .. معلم الحساب و مؤسس علم الجبرالحديث

حينما كان الدين هو الدافع الحقيقى لمزيد من العلم و المعرفة فى مختلف العلوم .. كان المسلمون فى أوج تقدمهم و ازدهارهم .. و لهذا حرص علماء المسلمين على تطوير علومهم و اختراعاتهم  و اتبعوا فى ذلك منهجاً علمياً دقيقاً يعتمد على الملاحظة و التجربة و القياس .. و كذلك على ترجمة الكثير من من كتب الإغريق و الرومان و الفرس للإستفادة منها .. ثم أضافوا عليها .. بل و أحياناً خالفوا من سبقوهم فى الكثير من نظرياتهم العلمية و توصلوا هم لنظريات جديدة تعتبر الآن هى الأساس لكثير من العلوم .                                                  

 و عالمنا اليوم هو العالم الفذ محمد بن موسى الخوارزمى .. من علماء الدولة العباسية ، أصله من خوارزم و لكنه ولد و توفى فى بغداد و عاش ما بين سنة 164- 225 هجرية ( 780 – 850 م ).. .. لمع الخوارزمى فى علم الفلك و الرياضيات فاشتهر فى بغداد وذاع صيته و لهذا أصبح موضع رعاية الخليفة العباسى المأمون ، حيث ولاه رئاسة بيت الحكمة و هو عبارة عن مكتبة عامة و دار للعلم و مكتبللترجمة.                                                                                                  و نظراً لأن القرآن الكريم اهتم بتقسيم التركة و تحديدها تحديداً دقيقاً ، فكان لزاماً على المسلمين إيجاد طرق أسهل و أدق يمكن بها حساب التقسيم الشرعى للتركات  حيث كانت حسابات العرب حينها مأخوذة عن رياضيات الإغريق فكانت غاية فى التعقيد .. و هذا ما دفع الخليفة المأمون إلى أن يطلب من الخوارزمى تأليف أشهر كتبه و هو كتاب ( حساب الجبر و المقابلة ) حتى ينتفع منه الناس فى مواريثهم و مقسماتهم و أحكامهم و تجاراتهم .. كذلك فيما يختص بتقسيم الأراضى و تحديد مساحاتها و فى مختلف مجالات الهندسة ... و فى الكتاب أيضاً وضع الخوارزمى أصول علم الجبر وجعله علما مستقلا عن علم الحساب .. .. كما أنه أول من استعمل كلمة " الجبر " وعنه أخذ الأوربيون هذه الكلمة واستعملوها فى لغاتهم بنفس اللفظ المنطوقة به( Algebra  ) ، و لهذا يقول عنه البروفيسور سارتون و هو من مؤرخى تاريخ العلوم :- لقد أحدث الخوارزمى  تأثيراً على الفكر الرياضى إلى درجة عظيمة لم يبلغها أى عالم آخر فى العصور الوسطى .. و نحن ندين له بكلمة ( الجبرا ) .                                                                                                      نعود مرة أخرى للخوارزمى  وكتابه الجبر والمقابلة الذى كان مرجعا اعتمد عليه العلماء العرب فى بحوثهم الرياضية ،.. ففى هذا الكتاب ابتكر الخوارزمى طرقاً لتحليل كل من معادلات  الدرجة الأولى والثانية ذات المجهول الواحد بطرق جبرية و هندسية .. كما وضع طرقاً لحل المعادلات لا تزال  تدرس حتى الآن فى المدارس الثانوية . و لهذا يعتبر كتاب الجبر والمقابلة للخوارزمى هو أول محاولة منظمة لتطوير علم الجبر على أسس علمية منطقية  .. و لقد ترجم هذا الكتاب القيم إلى اللغة اللاتينية فى القرن السادس الهجرى ( الثانى عشر الميلادى ) و ظل هذا الكتاب فى الجبر معروفاً فى أوروبا باللغة اللاتينية .. كذلك شرح الخوارزمى طريقة ضرب وطرح وجمع وقسمة  الجذور سواء منفردة أومتصلة بأعداد ..  و هو كذلك أول من استعمل الجذر التربيعى ..  و لقد استطاع الخوارزمى وضع طرقاً لايجاد مساحات السطوح والأضلاع والأجسام ، وكذلك الدائرة والقطعة .. و استعمل النسبة التقريبية و قيمتها ط = 7/22 ،  كما اورد برهانا لنظرية فيثاغورث ..  ، و استطاع الخوارزمى كذلك أن يضع طرقا لحساب الحجوم كالهرم الثلاثى والرباعى والمخروط .. ..  وإلى جانب كل هذا الرصيد الضخم من الإنجازات و الإبتكارات وضع الخوارزمى كتابا آخر كان الأول من نوعه من حيث مادته العلمية .. و ترجم إلى اللاتينية وبقى معروفا لقرونا عديدة باسم " الجورتمى " ثم لوغريتمات نسبة إلى الخوارزمى .. .. أما ما يتعلق بنظامنا الرقمى .. و هل هو عربى أو هندى الأصل ..

 

لا زلنا نتحدث عن الإنجازات العظيمة التى تركها لنا و للعالم أجمع العالم الفذ محمد بن موسى الخوارزمى ،     و التى  ذكرنا منها أنه هو أول من وضع أصول علم الجبر الحديث فى أشهر كتبه كتاب ( حساب الجبر و المقابلة ) .. و أنه استطاع كذلك ايجاد طرق لتحديد المساحات .. و استعمل النسبة التقريبية و قيمتها :       ط = 7/22 ، و استطاع الخوارزمى كذلك إيجاد طرقا لحساب الحجوم و هو كذلك أول من استعمل اللوغاريتمات .. و ليس هذا فحسب ، بل له انجازات عظيمة كذلك فى مجال الجغرافيا و الفلك .

بقى لنا أن نعرف قصة الأرقام التى نستعملها اليوم سواء  ما نسميها بالأرقام العربية أو ما نسميها بالأرقام الإنجليزية .. فلقد كثر الجدال الطويل .. أيهما الأصل .. العربية أم الإنجليزية  .. حتى صار معروفاً لدى الكثير أن الأرقام العربية هى هندية الأصل .. أما الأرقام الإنجليزية هى عربية الأصل .. لدرجة أن طالب الكثيرون بالعودة لاستخدام هذه الأرقام فى لغتنا العربية ...  فدعانى ذلك للمزيد من البحث و القراءة على الشبكة الدولية بخصوص هذا الموضوع الذى قلما اهتم به المؤرخون .. و حرصت فى ذلك على الإستعانة بالمصادر الموثوق بها و كذلك بآراء العلماء المختصين و الباحثين فى هذا المجال ... .. إلى أن توصلت بفضل الله تعالى إلى عدة نتائج و هى :- 

1-  كلا  النوعين  من الأرقام  العربية و الإنجليزية هى فى الأصل أرقاماً هندية ، فلقد كان لدى الهنود أشكالاً عديدة للأرقام ، و  يرجع ذلك إلى تعدد أشكال الأرقام الهندية تبعا لمناطق بالهند  .. ثم نقل العرب بعضها 

منها هذه الأرقام :   و منها هذه أيضاً :

   و نستدل على ذلك برأى الدكتور أحمد سليم سعيدان أستاذ تاريخ العلوم في الجامعة الأردنية وعضو مجمع اللغة العربية الأردني ، والذى يعتبر من أكثر من اهتموا بتاريخ علوم الرياضيات عند العرب ، فمن أقواله في ذلك "لا شك في أن أرقامنا –  سواء منها المستعملة في المشرق باسم الأرقام الهندية ، أو المستعملة في المغرب باسم الأرقام العربية- هي هندية الأصل .. أما في بلاد السند (باكستان) التي يبدو أنها كانت المهد الذي فيه نشأت هذه الأرقام ، فتبقى الأرقام أكثر شبها بأصلها إلى اليوم . . . وأما سائر بلاد الهند فقد اتخذت لنفسها مجموعة أخرى مغايرة . . . ونحن لدينا من النصوص ما يؤكد هذا "  . . .. و هذا كذلك هو  رأى الأستاذ قدري حافظ طوقان – عضو المجمع العلمي العربي بدمشق ، ونائب رئيس الإتحاد العلمي العربي حيث قال " لقد اطلع العرب على حساب الهنود ، فأخذوا عنه نظام الترقيم . . . وكان لدى الهنود أشكال عديدة للأرقام ، هذَّب العرب بعضها وكوَّنوا من ذلك سلسلتين :  عرفت إحداهما بالأرقام الهندية فأصبحت بهذا الشكل :   وهي التي تستعملها أكثر الأقطار الإسلامية والعربية ، وعرفت الثانية بالأرقام الغبارية  و هى 0 1 2 3 4 5 6 7 8 9  و قد انتشر استعمالها في بلاد الغرب  والأندلس" ... وقد أيد  رأيهما كذلك الدكتور عبدالحليم منتصر في كتابه (تاريخ العلم ودور العلماء العرب فى تقدمه)، والدكتور عبدالله العمري في كتابه ( تاريخ العلم عند العرب ) ..  و كذلك الدكتور عمر فروخ -  عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة وعضو جمعية البحوث الإسلامية في بومباي -  في كتابه ( تاريخ العلوم عند العرب )  ... و غيرهم من العلماء المسلمين الأوائل أمثال ابن الياسمين و البيرونى و الكاشى  .. ..

إذاً : نقل العرب بعض الأرقام الهندية ( السندية الأصل ) إليهم ثم هذبوها و كونوا منها سلسلتين .

 

2-  نقل العرب إليهم الأرقام الهندية .. السندية المنشأ ،  بما فيها الصفر و لكن الصفر فى نظام الترقيم  الهندى كانوا يطلقون عليه لفظ " سونيا " أو "الشونيا " ومعناه فراغ  و كانوا يرمزون إليه بدائرة بداخلها نقطة .. و لم يكن للصفر عندهم أى قيمة عددية .

3  - بعض العرب المسلمين عرفوا تلك الأرقام الهندية قبل أن يكتب الخوارزمي كتابه في الحساب الهندي بوقت طويل .

 4-   لفت الخوارزمي نظر علماء الحساب إلى أهمية الحساب الهندي فقد كان العامة يستعملون حساب اليد الذي  كان يتطلب منهم جهدا ذهنيا كبيرا ، فوجد الخوارزمى أن الحساب الهندي ييسر عليهم عمليات الحساب التي تعتمد على أعداد كبيرة ، لكنه وجد أن طريقة الهنود في حسابهم عليها مآخذ ، وفيها عيوب بل إنه هو الذي نوّه لحساب الهند (حساب الغبار) الذي لم يكن يعرفه الناس فضلاً عن الكثير من الهنود ، حيث كان معروفا في الهند لدى طوائف التجار دون غيرهم من أهل الحساب والفلك ..  فهذبه الخوارزمى ..  وطوره وأعلنه ووحده .. و أعطى للصفر قيمة عددية ..  فمنذ  ذلك الوقت راح الناس يتمسكون بتلك الأرقام وعملوا على إشاعتها .. و فى هذا يقول الدكتور سعيدان في قصة الأرقام والترقيم : " فللهند عامة وللسند على نحو خاص يرجع الفضل في ابتكار الأرقام التي تستعمل اليوم في معظم أنحاء العالم ، ولكن فضل العرب والمسلمين في أنهم انتشلوا النظام الحسابي الهندي من أوساط العامة ، وجعلوه علما توضع فيه الكتب ، ونشروه وعدلوه ومدّوه" .. .. فما أعظم انجازات الخوارزمى  التى لاتزال يستفاد منها فى العالم أجمع .                                               رحم الله عالمنا الجليل .. .. و رزق أمتنا بمن هو خير منه .                                                                        المراجع: - موقع عربيات  www.arabiyat.com           - موقع الأرقام  www.alargam.com             -   كتاب الأرقام العربية – تاريخها وأصالتها وما استعمله المحدثون وغيرهم منها  للأستاذ الدكتور :  قاسم علي                          - موقع جامعة الدول العربية www.arableagueonline.com   - مجلة الإعجاز العلمى العدد 11                                                                                                                             

 

احتنا رقم

جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسى الموقع
و يحظر نشر أو توزيع أو طبع أى مادة دون إذن مسبق من مشرفى الموقع
لمراسلتنا إضغط هنا

 لاتنسونا فى دعواتكم

 

 

الصفحة الرئيسية

جديد الموقع

عن الموقع

تأملات

مسلمون أوائل تعلمت الدنيا منهم

إعجاز علمــى

عبر من السيرة

أبناؤنــا

قطـــوف

سبحان الله

حديث قدســى

دعـــاء

مواقع للزيارة

سجل الضيوف